Site icon Ahwazi Center For Human Rights

وعلي كل شاهد ممن مر بدموية الاحتلال الايراني تدوين شهاداته وتوثيقها لا كشهادة للمعاصرين فقط بل للأجيال القادمة

وعلي كل شاهد ممن مر بدموية الاحتلال الايراني تدوين شهاداته وتوثيقها لا كشهادة للمعاصرين فقط بل للأجيال القادمة… للة وثم للتاريخ… لقد عشت وعاش الآخرون تجارب لا يمكن تصورها، بل ويصعب على الإنسان حتى تخيلها ووصفها، شاهدت واستمعت لشهادات عديدة روت فظائع الموت، التي تملأ سجون الاحتلال الايراني من أناس قُدر لهم أن يخرجوا من السجن أحياء، وكان حديثهم يفيض بالألم والمرارة. وأن آثارها توغلت في ارواحنا واجسادنا لتمتد إلى ما بعد فترة الاعتقال، ولتلحق أضراراً بعيدة المدى بالصحة النفسية والجسدية، وكم يصعب استئصال موطن الألم الجسدي أو النفسي، وهنا يكمن جوهر فظاعة التعذيب.
ذكرتني احداث سجن اوين، بانتفاضة سجن شيبان عام 2020 عندما انتفضنا ضد القمع الممنهج بحقنا كسجناء احوازيين وسياسيين،
بدأت الثورة يوم الثلاثاء 31 مارس في عام 2020 الساعة 12:15 بعد ما تم نقل الشهداء حسين سيلاوي (رائد الاحوازي) وعلي خسرجي (اباجندل ) الي المنفردة خوفاً من اتساع الاحتجات في تلك العام وبعد سماع اطلاق النار من جهة الساحة الخارجية للسجن بدأت التساؤلات حول ماذا يجري فطالبنا بنقل الشهداء الي القسم خوفاً من تصفيتهم أو تعذيبهم ومن البداية انهالت علينا رصاص القوات القمعية من كل الاتجاهات وكانت الرصاص متمركزة علي قسم 5 فقط ،حيث كان هذا القسم مخصص للسجناء الوطنيين الأحوازيين، وهم كانوا بمثابة المحرك الأساسي للثورة في داخل السجن ولعبوا دورا بارزا في حث باقي السجناء في مختلف الاقسام للأنضمام بالثورة وفك القيود، فهتفوا بشعارات ك (بالروح بلدم نفديك يا احواز).وكما قال الشاعر:
إنتفض أومت إذا شئت شهيــــدا
فحديد الموت قد فل الحديــــدا
فجـر الأرض ودعهــــا شعلــةً
قطع البـــاغي وريداً فــوريدا
الساعة 16:30 انهارت وتشتت قوات حرس السجن أمام مقاومة السجناء الأحوازيين، فتمت الاستعانة بقوات الشغب من خارج محيط السجن وحسب ماتاكد لنا لاحقا أن هذا هذه القوات كانت تابعة لمدينة خرم اباد والتي تم احضارها للاحواز بعد أحداث انتفاضة السجون ولا سيما سجن سبيدار سئ الصيت.
بأمر من غلام نجاد رئيس أمن السجن تم اقتحام القسم بالرصاص الحي والمباشر وغاز المسيل للدموع لشل حركة السجناء المقاومين. وجاء الأمر بقتل كل السجناء المقاومين بحيث أني سمعت حسن ذوالفقاري مدير الداخلية بالسجن وهو يصرخ في الجنود ” اقتلوا هولاء فهم كفرة ودواعش، بل اسوأ منهم” وكذلك كان ورمزيار معاون رئيس السجن ومحمد علي اناري رابط المخابرات بلسجن وهما يعرفان السجناء فردا فردا فاختباءا خلف طابور القوات القمعية ووجها من هناك رميات الجنود القاضية نحو السجناء.
التعذيب والتنكيل بشقيه الجسدي والنفسي لم يكن يوما حادثة عفوية أو فردية، وإنما شّكَل نهجاً أساسياً وممارسة مؤسسية، وجزءً لا يتجزأ من معاملة المعتقلين الاحوازيين اليومية في سجون الاحتلال الإيراني.
ملئت ساحة قسم 5 والتي كانت لا تبلغ أكثر من 80 مترا مربعا بالمياة والزاهي (ريكا، غسيل الظروف) والزجاج المكسر ليفقد السجين توازنه بسبب تزلج الأرض وتجرح قدميه فيفقد القدرة على الحركة تماماً وبعد ذلك ينهال علية الرصاص و تنال منه ضربات الهروات.
ومن أصناف الضرب والتعذيب والتنكيل في تلك الايام، هو نفق الموت، وهو مكون من طابورين متوازيين وعلى السجناء العبور من بينهما تحت ضربات الهروات على الرأس مباشر ة حتي يفقد السجين السيطرة فيكون تحت أرجل الجنود جثة هامدة .
ملئت الساحة برائحة الدم ولأول مرة أشاهد زفير الموت، ولم يعد بامكاني التعرف علي رفاقي من كثرة الدم على وجههم وتشوية أجسادهم من شدة الضربات، كانت المشاهد قمة في الرعب والألم والغثيان والجنون.
قيدوا ايادينا ونقلونا الي ساحة مغلقة، على أثر القيد الحديدي واحتكاكه مع العظم بلا رحمة أو توقف التهبت أيادينا وتورمتا من جراء النغراس الحديد القاسي في اللحم واحتكاكة المباشر بالعظم الذي انكشف وتعري فظلت اثار القيد كلوشم علي رساغنا حتى يومنا هذا.
استمر تعذيبنا حتى ساعات متأخرة من منتصف الليل، لم يتركوا هؤلاء السفاحين تعذيبا الا ومارسوه ضدنا وآخر ه كان المساس بالعفة والشرف عبر توجيه سيلا من السباب والشتائم والتي كانت تصل في بعض الأحيان الى درجة الكفر بالله… والذي ما كان ينم سوى عن الرذيلة الأخلاقية لهؤلاء وماهم عليه من شيطنة.
استمر تعذيبنا ثم أخذوا بعض الرفاق الي الزنازين المنفردة والبعض الى المحجر وتم نقل البعض الآخر للمخابرات من أجل الاستجواب والتحقيق، قطعوا علينا المياة والاتصال علي اهالينا وتم منعنا دخول القسم والغرف لعدة أيام حتي اكمال الاستجواب مع كل السجناء والرفاق، ومن أجل المزيد من التنكيل والتعذيب النفسي لباقي السجناء اختاروا بعض السجناء القُدامى فتم تجريد ملابسهم ما عدى الملابس الداخليه ومطاردتهم بعمليات كر و فر وهم مكبلين اليد والأعين ورشهم بالمياة وضربهم بالكيبلات والهراوات ،او تعذيبهم بطريقه (الشبح) أي وقوف أو جلوس السجين في أوضاع مؤلمة لفترة طويلة، وفي خضم ممارسة التعذيب بحق السجناء الأحوازيين كان يحلو لاؤلئك السفاحين التسلي بتعذيبهم وغالباً ما يتم اجلاس المعتقل على كرسي صغير، لا تتجاوز قاعدته 25سم × 25سم، وارتفاعه حوالي 30سم وتقيد يديه إلى الخلف حتي الفجر.
أظن وأكاد أن أجزم أن كل من كان منكم معتقلا في سجون الاحتلال الايراني، هو مثلي لا يزال يحتفظ في ذاكرته تفاصيل ما تعرض له من تعذيب على أيدى أولئك “المحتلين” وكأنه كان البارحة. مما يعكس حقيقة أننا نحن الأسرى المحررين ليس باستطاعتنا نسيان الألم. فالألم باق ولا ينتهي بفعل الزمن.
وفي الأخير أختم بوعد الحق: وَلَا تَحْسَبَنَّ ٱللَّهَ غَٰفِلًا عَمَّا يَعْمَلُ ٱلظَّٰلِمُونَ ۚ إِنَّمَا يُؤَخِّرُهُمْ لِيَوْمٍۢ تَشْخَصُ فِيهِ ٱلْأَبْصَٰرُ
@karim_habib_alahwazi

المركز الاحوازي لحقوق الانسان

https://acfh.info/en/wp-content/uploads/2022/10/Karoun-prison-March2020.mp4
Exit mobile version